مقدمه:
قد تكون لقضية دفع الأجر تأثير كبير على العلاقة بين المرشد والعميل خلال العملية الارشادية. فالعلاقة التي يتم خلالها قيام الفرد بالتحدث عن صعوبة أو أزمة عاطفية تواجهه لصديق أو لفرد من العائلة، لا تتطلب دفع أجر، والافتراض الضمني، لهذه العلاقة، هو اعتبارها علاقة متبادلة: وسوف يتم عكس الأدوار فيها في مرحلة ما في المستقبل.
ومن الواضح أن العلاقة الإرشادية ليست هكذا، فعلى الرغم من التشابه بين العلاقتين من حيث الاستماع والتشجيع على استكشاف المشاعر، إلا أن المرشد لا يكون موجودًا بسبب مشاعر الصداقة أو الولاء العائلي، بل لأنه بطريقة أو بأخرى، يريد الحصول على الأجر، وفي بعض الجمعيات التطوعية ومجموعات المساعدة الذاتية، يمكن اعتبار العلاقة بين المرشد والعميل "علاقة مجانية" ‘gift relationship’: فالمساعدة "المجانية" giving تعد مساهمة للصالح العام في بعض الدول (وليست كلها)، فالتبرع بالدم على سبيل المثال يعد شكل من أشكال "العلاقة المجانية"، عندما يفهم طرفيها بوضوح بأنها لا تتضمن جوانب مادية، ففي العديد من مجموعات المساعدة، والجمعيات التطوعية يقوم المساعدين أو المرشدون باقتطاع جزء من وقت عملهم، للعميل الذي قد يطلب من الجمعية "التبرع" لتغطية تكاليف علاجه. وبطبيعة الحال، في معظم حالات الإرشاد، وتحتل مسألة دفع الأجر مكانةً بارزةً للغاية: حيث يدفع العميل للمرشد أتعاب أو راتب مقابل الاستماع له. لذا، يجب أن يكون لهذا الراتب ذو مغزى (حتى لو كان بسيطاً) في كل العلاقات الإرشادية.
كما الطبيعة الخفية للعلاقة المالية بين المرشد والعميل في النهاية تنبع من المستوى العالي من السرية ومن التناقض الموجود في معظم المجتمعات الصناعية الحديثة فيما يتعلق بالنواحي المالية. فمعظم الأفراد، يكون دخلهم ومدخراتهم مجهولاً حتى بالنسبة لأقربائهم أو لأصدقائهم أو لأفراد أسرهم. وفي الوقت نفسه، فإنهم يعيشون في مجتمعات تقدر المال بشكل كبير.
ولقد تم اقتراح عدد من الأفكار المختلفة حول تأثير دفع الأجر على العلاقة العلاجية ضمن أدبيات الإرشاد والعلاج النفسي، (Cerney 1990 ؛ Herron and Sitkowski 1986 ).
أولاً: ناقش فرويد وغيره من المحللين النفسيين مسألة الطبيعة "القربانية" للأجر. وافترض أن الأجر يعد وسيلة لتحقيق أقصى قدر من تحفيز المريض للعلاج، ويعد إشارة لأهمية التزامه بالعلاج، ويجب تحديد الأجر بناء على الحد الأقصى الذي يمكن أن يتحمله المريض، ويجب تيسير دفع الأجر في شكل أقساط: فالأجر الذي يمثل التزامًا شخصيًا رئيسيًا لأحد العملاء قد يكون غير ذي أهمية بالنسبة لعميل آخر أكثر ثراء، ومن منظور التحليل النفسي، قيل أيضًا أن الأجر يعد وسيلة علاجية ترمز إلى الحدود الصارمة التي يتم فيها إجراء العلاج: فيجب دفع الأجر بغض النظر عما يحدث، كما أن وجود الأجر يجعل الجسر ممتد بين العلاج والعالم "الواقعي"، ويكون دافعًا لإكمال العلاج بدلاً من الاعتماد على المعالج بشكل كامل. لذلك، فإن قيام العميل بدفع الأجر بشكل مباشر من المنظور التحليلي يعد مساهمة إيجابية في العملية العلاجية.
ومع ذلك، من الممكن القول أيضًا بأن الدفع المباشر قد يكون له تأثير عكسي على العلاقة العلاجية. فقد يشك العميل الذي يدفع للعلاج في صحة قبول مرشده له: حيث يرى "أن المرشد قد يتظاهر بتقديره لي فقط لكي يتلقى راتبه" (Wills 1982 ). وإذا كان دخل المرشد مرهونًا ببقاء العميل في العلاج، فقد يجد طريقة ما لإطالة مدة العلاج (Kottler 1988 ).
كما يرى العديد من المعالجين بأن مشاركتهم في تحصيل الأجر يعد أمراً مزعجاً بالنسبة لهم. حيث يشعر البعض منهم "بذنب الأجر fee guilt" Herron and Sitkowski (1986) الناتج عن الصراع بين الرغبة في أن يُنظر إليهم على أنهم "مساعدون" ومشاركون في عمل ينطوي على كسب لقمة العيش والربح، وغالبًا ما يقرون خلال الممارسة بوجود صراع حول التفاوض على الأجر، وتذكير العملاء به، وما إلى ذلك.
وإذا كانت نظرية التحليل النفسي "تتغاضى" عن مشكلة دفع الأجر بشكل مباشرة، فلابد من وجود دليل على أن العلاج يكون أكثر فعالية عندما يقوم العملاء بدفع الأجر، مقارنة بالحالات التي يقوم فيها طرف ثالث بالدفع كما في حالات (ارشاد الطلاب في الجامعة أو الإرشاد في مكان العمل) حيث يتم العلاج أو الإرشاد بشكل مجاني بالنسبة للعميل، ولا يوجد دليل على وجود أي اختلاف في الفعالية Herron) and Sitkowski 1986) من خلال الدراسات التي أجرت مقارنات بين دفع الأجر والخدمات المجانية. علاوة على ذلك، هناك قدر كبير من الأدلة تشير إلى أن الإرشاد والعلاج النفسي في مكان العمل (McLeod 2008 ) أو في الخدمات الصحية التي تديرها الدولة في بريطانيا ودول أوروبية أخرى (وهي مجانية منذ الولادة) فعالة بنفس كفاءة العلاج الذي يقدم خلال الجلسات العلاجية التقليدية الخاصة المدفوعة.
فهل هذا يعني أنه يجب علينا رفض أفكار التحليل النفسي حول تأثير الأجر على العلاقة العلاجية؟ ليس ذلك على الاطلاق، فنظرية "التضحية" تتوقع أن الدفع يؤدي إلى جودة استثمار العميل في العلاقة العلاجية التي تعتمد على قيمة الأجر الذي سوف يدفعه. وعلى الرغم من كون هذه الفكرة تعد حقيقة بالنسبة لبعض الحالات، إلا إنها لا تأخذ في اعتبارها المعنى العميق الذي يحمله العلاج لكثير من الناس، من حيث قيامه بخلق حياة جديرة بالاهتمام، أو في بعض الحالات الأخرى كوسيلة للبقاء، ومن المؤكد أن المغزى والقيمة الجوهرية للعلاج قد تتضاءل نتيجة للافتراض القائل بأن العلاج قد لا يكون مفيدًا إلا إذا تم دفع الأجر بشكل مباشر، ونتيجة لذلك، تعد مسألة الأجر مهمة للعلاقة بين العميل والمرشد لأنها تمثل مجالًا حيويًا وهي من "الموضوعات التي لم يتم ذكرها" (Cerney 1990 ). ففي الجلسات الإرشادية التي يقوم فيها العميل بدفع الأجر بشكل مباشر للمرشد، قد يتساءل "هل يستحق ذلك المرشد ما قمت بدفعه؟"، و"هل أن سعادتي أو مستقبلي يستحق أن أدفع ذلك؟"
أما في الأماكن التي يتم فيها دفع أتعاب المرشد أو راتبه من قبل طرف ثالث، قد يفكر العميل في "هل يهتم بي حقًا أم أنها مجرد وظيفة يقوم بها؟"، و"إذا كانت الجامعة / المستشفى / الشركة هي التي تقوم بدفع الأجر للمرشد، قد يتساءل العميل هل هم يدفعون مقابل ما يريدون معرفته عن مدى ازعاجي لهم؟ وقد يتساءل المرشد في كلتا الحالتين" هل أستحق ما أتقاضاه؟ "أو" هل أتسامح مع هذا الشخص لأن ما أقوم به هو وظيفتي؟ "بالإضافة إلى ذلك، قد يرتبط معنى الأجر بالخلفية الثقافية والاجتماعية لكل من العميل والمرشد. ينشأ بعض الأشخاص في بيئات يرتبط احترام الفرد وقيمته فيها بـ " بطريقة الدفع الخاص" أو باستخدام النفوذ المالي دائمًا للحصول على "الأفضل". بينما ينشأ آخرون في ثقافات اجتماعية يقدر فيها الأشخاص الذين يقومون بمساعدة الآخرين بشكل خاص، ويكون "مكسبهم" هو تخليص الشخص الأخر من المحنة التي ألمت به. بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلافات واسعة بين المجموعات الاجتماعية المختلفة حول مدى مقبولية التحدث بصراحة عن الأجر. لذلك، تمثل القضايا الأساسية المتعلقة بالهويات والافتراضات الثقافية بالمال في استكشاف الطريق الفعالة للعلاج. كما توجد بعض الأدلة تشير إلى الاختلاف بين الجنسين في في مواقف وسلوك دفع الأجر للمعالج. حيث وجدت لاسكي Lasky (1999) أن المعالجات يتهمن زملائهن من الذكور الأقل منهن في الخبرة بالحصول على أجر مرتفع من العملاء كما أشار كل من بارفين وأندرسون Parvin and Anderson (1999) أن المعالجات أكثر مرونة في التفاوض على الأجر مقارنة بزملائهن من الذكور. كم وجدت Lasky (1999) أن من بين المعالجين الممارسين الذكور الذين تم مقابلتهم كانوا قادرين على التغاضي عن صراعاتهم الداخلية المرتبطة بالأجر، في حين أن الممارسات الإناث يميلن إلى "الإدراك القوي" لمثل هذه الصراعات، ويرون أنفسهن محاصرات في صراع ثلاثي الأبعاد: "(1) الحاجة إلى إعالة أنفسهم وعائلاتهم، (2) الشعور بالاضطراب نتيجة العمل لساعات إضافية لكسب المزيد من المال والرغبة في قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة، (3) التركيز على احتياجات العميل المالية أكثر من احتياجاته الخاصة. (Lasky 1999: 9)” "
ولكن اعتمدت هذه الدراسات على عينات صغيرة من المعالجين في الولايات المتحدة الأمريكية، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة مدى تعميمها في بيئات أخرى. ومع ذلك، فإنها توضح إمكانية اقتراب الذكور والإناث من هذا الجانب من العلاقة العلاجية بطرق مختلفة.
تمثل مسألة الأجر تحديًا للعلاقة العلاجية لأن الأفكار والمشاعر غير المعلنة بشأن الأجر يمكن أن تعرقل التعاون الكامل بين العميل والمرشد. على سبيل المثال، عميل الإرشاد في مكان العمل الذي يفترض أن مرشدهم هو في نهاية المطاف "في جيب" الإدارة لأن هذا هو الذي يدفع أجورهم قد يقوم (بوعي أو بغير وعي) بفحص المعلومات الحساسة، ولا يسمح للمرشد بالتعرف بعمق على اليأس أو السلوك المدمر. بعض المرشدين يعانون من "ذنب الأجر" ‘fee guilt’. ولكن الصعوبة بالنسبة لكل المرشدين المرتبطة بالسياق الاجتماعي والثقافي للمال تعد مشكلة قد تم تجاهلها إلى حد كبير من قبل النظرية العلاجية والبحث والتدريب.
قد تكون لقضية دفع الأجر تأثير كبير على العلاقة بين المرشد والعميل خلال العملية الارشادية. فالعلاقة التي يتم خلالها قيام الفرد بالتحدث عن صعوبة أو أزمة عاطفية تواجهه لصديق أو لفرد من العائلة، لا تتطلب دفع أجر، والافتراض الضمني، لهذه العلاقة، هو اعتبارها علاقة متبادلة: وسوف يتم عكس الأدوار فيها في مرحلة ما في المستقبل.
ومن الواضح أن العلاقة الإرشادية ليست هكذا، فعلى الرغم من التشابه بين العلاقتين من حيث الاستماع والتشجيع على استكشاف المشاعر، إلا أن المرشد لا يكون موجودًا بسبب مشاعر الصداقة أو الولاء العائلي، بل لأنه بطريقة أو بأخرى، يريد الحصول على الأجر، وفي بعض الجمعيات التطوعية ومجموعات المساعدة الذاتية، يمكن اعتبار العلاقة بين المرشد والعميل "علاقة مجانية" ‘gift relationship’: فالمساعدة "المجانية" giving تعد مساهمة للصالح العام في بعض الدول (وليست كلها)، فالتبرع بالدم على سبيل المثال يعد شكل من أشكال "العلاقة المجانية"، عندما يفهم طرفيها بوضوح بأنها لا تتضمن جوانب مادية، ففي العديد من مجموعات المساعدة، والجمعيات التطوعية يقوم المساعدين أو المرشدون باقتطاع جزء من وقت عملهم، للعميل الذي قد يطلب من الجمعية "التبرع" لتغطية تكاليف علاجه. وبطبيعة الحال، في معظم حالات الإرشاد، وتحتل مسألة دفع الأجر مكانةً بارزةً للغاية: حيث يدفع العميل للمرشد أتعاب أو راتب مقابل الاستماع له. لذا، يجب أن يكون لهذا الراتب ذو مغزى (حتى لو كان بسيطاً) في كل العلاقات الإرشادية.
كما الطبيعة الخفية للعلاقة المالية بين المرشد والعميل في النهاية تنبع من المستوى العالي من السرية ومن التناقض الموجود في معظم المجتمعات الصناعية الحديثة فيما يتعلق بالنواحي المالية. فمعظم الأفراد، يكون دخلهم ومدخراتهم مجهولاً حتى بالنسبة لأقربائهم أو لأصدقائهم أو لأفراد أسرهم. وفي الوقت نفسه، فإنهم يعيشون في مجتمعات تقدر المال بشكل كبير.
ولقد تم اقتراح عدد من الأفكار المختلفة حول تأثير دفع الأجر على العلاقة العلاجية ضمن أدبيات الإرشاد والعلاج النفسي، (Cerney 1990 ؛ Herron and Sitkowski 1986 ).
أولاً: ناقش فرويد وغيره من المحللين النفسيين مسألة الطبيعة "القربانية" للأجر. وافترض أن الأجر يعد وسيلة لتحقيق أقصى قدر من تحفيز المريض للعلاج، ويعد إشارة لأهمية التزامه بالعلاج، ويجب تحديد الأجر بناء على الحد الأقصى الذي يمكن أن يتحمله المريض، ويجب تيسير دفع الأجر في شكل أقساط: فالأجر الذي يمثل التزامًا شخصيًا رئيسيًا لأحد العملاء قد يكون غير ذي أهمية بالنسبة لعميل آخر أكثر ثراء، ومن منظور التحليل النفسي، قيل أيضًا أن الأجر يعد وسيلة علاجية ترمز إلى الحدود الصارمة التي يتم فيها إجراء العلاج: فيجب دفع الأجر بغض النظر عما يحدث، كما أن وجود الأجر يجعل الجسر ممتد بين العلاج والعالم "الواقعي"، ويكون دافعًا لإكمال العلاج بدلاً من الاعتماد على المعالج بشكل كامل. لذلك، فإن قيام العميل بدفع الأجر بشكل مباشر من المنظور التحليلي يعد مساهمة إيجابية في العملية العلاجية.
ومع ذلك، من الممكن القول أيضًا بأن الدفع المباشر قد يكون له تأثير عكسي على العلاقة العلاجية. فقد يشك العميل الذي يدفع للعلاج في صحة قبول مرشده له: حيث يرى "أن المرشد قد يتظاهر بتقديره لي فقط لكي يتلقى راتبه" (Wills 1982 ). وإذا كان دخل المرشد مرهونًا ببقاء العميل في العلاج، فقد يجد طريقة ما لإطالة مدة العلاج (Kottler 1988 ).
كما يرى العديد من المعالجين بأن مشاركتهم في تحصيل الأجر يعد أمراً مزعجاً بالنسبة لهم. حيث يشعر البعض منهم "بذنب الأجر fee guilt" Herron and Sitkowski (1986) الناتج عن الصراع بين الرغبة في أن يُنظر إليهم على أنهم "مساعدون" ومشاركون في عمل ينطوي على كسب لقمة العيش والربح، وغالبًا ما يقرون خلال الممارسة بوجود صراع حول التفاوض على الأجر، وتذكير العملاء به، وما إلى ذلك.
وإذا كانت نظرية التحليل النفسي "تتغاضى" عن مشكلة دفع الأجر بشكل مباشرة، فلابد من وجود دليل على أن العلاج يكون أكثر فعالية عندما يقوم العملاء بدفع الأجر، مقارنة بالحالات التي يقوم فيها طرف ثالث بالدفع كما في حالات (ارشاد الطلاب في الجامعة أو الإرشاد في مكان العمل) حيث يتم العلاج أو الإرشاد بشكل مجاني بالنسبة للعميل، ولا يوجد دليل على وجود أي اختلاف في الفعالية Herron) and Sitkowski 1986) من خلال الدراسات التي أجرت مقارنات بين دفع الأجر والخدمات المجانية. علاوة على ذلك، هناك قدر كبير من الأدلة تشير إلى أن الإرشاد والعلاج النفسي في مكان العمل (McLeod 2008 ) أو في الخدمات الصحية التي تديرها الدولة في بريطانيا ودول أوروبية أخرى (وهي مجانية منذ الولادة) فعالة بنفس كفاءة العلاج الذي يقدم خلال الجلسات العلاجية التقليدية الخاصة المدفوعة.
فهل هذا يعني أنه يجب علينا رفض أفكار التحليل النفسي حول تأثير الأجر على العلاقة العلاجية؟ ليس ذلك على الاطلاق، فنظرية "التضحية" تتوقع أن الدفع يؤدي إلى جودة استثمار العميل في العلاقة العلاجية التي تعتمد على قيمة الأجر الذي سوف يدفعه. وعلى الرغم من كون هذه الفكرة تعد حقيقة بالنسبة لبعض الحالات، إلا إنها لا تأخذ في اعتبارها المعنى العميق الذي يحمله العلاج لكثير من الناس، من حيث قيامه بخلق حياة جديرة بالاهتمام، أو في بعض الحالات الأخرى كوسيلة للبقاء، ومن المؤكد أن المغزى والقيمة الجوهرية للعلاج قد تتضاءل نتيجة للافتراض القائل بأن العلاج قد لا يكون مفيدًا إلا إذا تم دفع الأجر بشكل مباشر، ونتيجة لذلك، تعد مسألة الأجر مهمة للعلاقة بين العميل والمرشد لأنها تمثل مجالًا حيويًا وهي من "الموضوعات التي لم يتم ذكرها" (Cerney 1990 ). ففي الجلسات الإرشادية التي يقوم فيها العميل بدفع الأجر بشكل مباشر للمرشد، قد يتساءل "هل يستحق ذلك المرشد ما قمت بدفعه؟"، و"هل أن سعادتي أو مستقبلي يستحق أن أدفع ذلك؟"
أما في الأماكن التي يتم فيها دفع أتعاب المرشد أو راتبه من قبل طرف ثالث، قد يفكر العميل في "هل يهتم بي حقًا أم أنها مجرد وظيفة يقوم بها؟"، و"إذا كانت الجامعة / المستشفى / الشركة هي التي تقوم بدفع الأجر للمرشد، قد يتساءل العميل هل هم يدفعون مقابل ما يريدون معرفته عن مدى ازعاجي لهم؟ وقد يتساءل المرشد في كلتا الحالتين" هل أستحق ما أتقاضاه؟ "أو" هل أتسامح مع هذا الشخص لأن ما أقوم به هو وظيفتي؟ "بالإضافة إلى ذلك، قد يرتبط معنى الأجر بالخلفية الثقافية والاجتماعية لكل من العميل والمرشد. ينشأ بعض الأشخاص في بيئات يرتبط احترام الفرد وقيمته فيها بـ " بطريقة الدفع الخاص" أو باستخدام النفوذ المالي دائمًا للحصول على "الأفضل". بينما ينشأ آخرون في ثقافات اجتماعية يقدر فيها الأشخاص الذين يقومون بمساعدة الآخرين بشكل خاص، ويكون "مكسبهم" هو تخليص الشخص الأخر من المحنة التي ألمت به. بالإضافة إلى ذلك، هناك اختلافات واسعة بين المجموعات الاجتماعية المختلفة حول مدى مقبولية التحدث بصراحة عن الأجر. لذلك، تمثل القضايا الأساسية المتعلقة بالهويات والافتراضات الثقافية بالمال في استكشاف الطريق الفعالة للعلاج. كما توجد بعض الأدلة تشير إلى الاختلاف بين الجنسين في في مواقف وسلوك دفع الأجر للمعالج. حيث وجدت لاسكي Lasky (1999) أن المعالجات يتهمن زملائهن من الذكور الأقل منهن في الخبرة بالحصول على أجر مرتفع من العملاء كما أشار كل من بارفين وأندرسون Parvin and Anderson (1999) أن المعالجات أكثر مرونة في التفاوض على الأجر مقارنة بزملائهن من الذكور. كم وجدت Lasky (1999) أن من بين المعالجين الممارسين الذكور الذين تم مقابلتهم كانوا قادرين على التغاضي عن صراعاتهم الداخلية المرتبطة بالأجر، في حين أن الممارسات الإناث يميلن إلى "الإدراك القوي" لمثل هذه الصراعات، ويرون أنفسهن محاصرات في صراع ثلاثي الأبعاد: "(1) الحاجة إلى إعالة أنفسهم وعائلاتهم، (2) الشعور بالاضطراب نتيجة العمل لساعات إضافية لكسب المزيد من المال والرغبة في قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة، (3) التركيز على احتياجات العميل المالية أكثر من احتياجاته الخاصة. (Lasky 1999: 9)” "
ولكن اعتمدت هذه الدراسات على عينات صغيرة من المعالجين في الولايات المتحدة الأمريكية، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة مدى تعميمها في بيئات أخرى. ومع ذلك، فإنها توضح إمكانية اقتراب الذكور والإناث من هذا الجانب من العلاقة العلاجية بطرق مختلفة.
تمثل مسألة الأجر تحديًا للعلاقة العلاجية لأن الأفكار والمشاعر غير المعلنة بشأن الأجر يمكن أن تعرقل التعاون الكامل بين العميل والمرشد. على سبيل المثال، عميل الإرشاد في مكان العمل الذي يفترض أن مرشدهم هو في نهاية المطاف "في جيب" الإدارة لأن هذا هو الذي يدفع أجورهم قد يقوم (بوعي أو بغير وعي) بفحص المعلومات الحساسة، ولا يسمح للمرشد بالتعرف بعمق على اليأس أو السلوك المدمر. بعض المرشدين يعانون من "ذنب الأجر" ‘fee guilt’. ولكن الصعوبة بالنسبة لكل المرشدين المرتبطة بالسياق الاجتماعي والثقافي للمال تعد مشكلة قد تم تجاهلها إلى حد كبير من قبل النظرية العلاجية والبحث والتدريب.